حلاوة الإيمان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد...
فإن الإنسان تنتابه بين الحين والآخر بعض حالات من الضيق والضجر يظن خلالها أن الدنيا قد انتهت وأن الساعة توشك أن تقوم وذلك ربما يكون نتيجة لبعض النوازل التى تنزل به فى حياته وعندما تضيق حلقات الأزمة عليه يتخيل أنها لن تنفرج أبدا فإذا بها تفرج من عند الله عز وجل دون تدخل أو تدبير منه
ولكن أتدرى أخى المسلم أن هذه الانفراجة قد لا يحس بها الإنسان ولا يشعر بالفرق بين الحال الأولى وقت الأزمة وبين لحظات انفراجها؟
أجل هناك من لا يشعر بذلك وتمر عليه هذه الآية أو يمر هو بها مرور الكرام فلا يتفكر فيها ولا يستفيد منها. هذا حال البعض، ولكن هناك من لا ننكر استفادتهم من هذه المواقف ومن لا تمر عليهم هذه الآية إلا بعد أن يكونوا قد استنزفوها تفكرا وتدبرا.
ولكن أتعلم الفرق بين الفريفين؟ إنه فرق ليس بكبير ولكنه جد خطير ، الفرق كلمة بسيطة ولكنها ذات معنى عميق عظيم ، أتدرى ما الفرق؟ إنه الإيمان ، أجل الإيمان ، كلمة بسيطة ولكنها ذات معنى لو حاولنا تفنيده لما كفانا شهور ولا دهور. وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لخصه لنا فى كلمات جامعة مانعة تحوى معنى هذه الكلمة البسيطة وذلك عندما سأله جبريل عليه السلام: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره.
لكن مهلا ولا تتعجل فهناك ما هو أكثر من ذلك وهو الأهم فهذا الذى ذكرناه إنما هو حقيقة الإيمان وفحواه ولكن بقى شىء مهم جدا كى تكتمل عناصر الإيمان وهو كيف تشعر بحلاوة الإيمان؟
اللإيمان حلاوة وطعم؟
أجل إن الإيمان له طعم لا يشعر به إلا من توافرت فيه عناصر ثلاثة زائدة عن معنى الإيمان الأصم غير ذى الطعم ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث المروى عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار(
أجل هذه هى العناصر الأساسية للشعور بحلاوة وطعم الإيمان فهل تريد أن تشعر بحلاوة الإيمان ليس فى لسانك بل فى قلبك؟ إذاً فطبق هذه النصائح عليك أولا ثم انتظر النتيجة المحققة بالإحساس بحلاوة الإيمان فى فلبك.
أولا: حب الله:
وحب الله هو شعور داخلى بالحب ينتاب الإنسان موجه إلى الله عز وجل ولكن حب الله لا يتحقق بمجرد هذا الشعور أو الإحساس لا بل هو أكبر من ذلك بكثير فإن له طريقا مهما لا بد أن يسلكه الإنسان حتى يستطيع أن يصف نفسه بأنه محب لله سبحانه وتعالى هذا الطريق وضحه ربنا عز وجل فى كتابه العزيز حيث يطلب من نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرشد الناس إلى وسيلة حب الله وذلك حينما يقول عز من قائل: "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [آل عمران : 31] أى أن اتباع أوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم واجتناب نواهيهما هو أول درجة من درجات السلم الموصل لحب الله تعالى فإذا ما توافر ذلك فى الإنسان برهن على حبه لله سبحانه بل إن ذلك له نتيجة أخرى مترتبة عليه هى أن يحب الله سبحانه هذا العبد أيضا بل ويغفر له ما قد يكون عساه ارتكبه من ذنوب أو آثام فى حياته فهو سبحانه الغفور الرحيم.
ثانيا: الحب الخالص لعباد الله:
ومعناه أن يكون شعور الإنسان بالحب تجاه أخيه الإنسان خالصا من كل مؤثر دنيوى أو مادى قصير الأجل بل أن يكون هدفه من حبه إياه فقط إرضاء الله سبحانه وتعالى فقط وأن يكون السبب فى هذا الإحساس بالحب هو فقط أن هذا المحبوب متبع لأوامر الله مجتنب لنواهيه مستقيم على درب طاعة الله وعدم مخالفته فيما يأمر به أو ينهى عنه.
ثالثا: كراهية الكفر:
فالإنسان حتى يشعر بحلاوة الإيمان فى قلبه لا بد أن يصمم على كراهية الكفر وعدم الرغبة فى العودة إليه فلا يجتمع فى قلبه حب الله وحب الشيطان والمعاصى فى آن معاً وهما يستحيل اجتماعهما بالطبيعة فكلما دخل حب المعصية فى قلب ابن آدم كلما كان أبعد ما يكون عن حومة حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.