من قادة النهضة العلمية في مصر في عصر محمد علي. وُلد رفاعة رافع الطهطاوي في 15 أكتوبر 1801، بمدينة طهطا إحدى مدن محافظة سوهاج بصعيد مصر، ونشأ في أسرة كريمة الأصل شريفة النسب، فأبوه ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت الشيخ أحمد الفرغلي، ينتهي نسبها إلى قبيلة الخزرج الأنصارية.
لقي رفاعة عناية من أبيه، فحفظ القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلى موطنه طهطا، ووجد من أخواله اهتماماً كبيراً حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو. التحق رفاعة وهو في السادسة عشرة من عمره بالأزهر في عام 1817، وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتصوف والتفسير والنحو والصرف.. وغير ذلك. وتتلمذ عل يد عدد من علماء الأزهر العظام.
بعد أن أمضى رفاعة في الأزهر ست سنوات، جلس للتدريس فيه سنة 1821، وهو في الحادية والعشرين من عمره، والتف حوله الطلبة يتلقون عنه علوم المنطق والحديث والبلاغة والعروض، ثم ترك التدريس بعد عامين والتحق بالجيش المصري النظامي الذي أنشأه محمد علي إماماً وواعظاً لإحدى فرقه، واستفاد من هذه الفترة الدقة والنظام.
وفي سنة 1826 قررت الحكومة المصرية إيفاد بعثة علمية إلى فرنسا لدراسة العلوم والمعارف الإنسانية، وقرر محمد علي أن يصحبهم ثلاثة من علماء الأزهر الشريف لإمامتهم في الصلاة ووعظهم وإرشادهم. وكان رفاعة الطهطاوي واحدا من هؤلاء الثلاثة، ورشحه لذلك شيخه حسن العطار. بدأ رفاعة في أثناء ذلك تعلم اللغة الفرنسية ولذلك قررت الحكومة المصرية ضم رفاعة إلى بعثتها التعليمية، وأن يتخصص في الترجمة، وقبل أن يتقدم رفاعة للامتحان النهائي كان قد أنجز ترجمة اثني عشر عملاً إلى العربية.
عاد الطهطاوي إلى مصر سنة 1831، وكانت أولى الوظائف التي تولاها العمل مترجماً في مدرسة الطب، ثم نقل عام 1833 إلى مدرسة الطوبجية (المدفعية) لكي يعمل مترجماً للعلوم الهندسية والفنون العسكرية. كان رفاعة الطهطاوي يأمل في إنشاء مدرسة عليا لتعليم اللغات الأجنبية ؛ فتقدم باقتراحه إلى محمد علي ونجح في إقناعه بإنشاء مدرسة للمترجمين عرفت بمدرسة الألسن، وقد تخرجت الدفعة الأولى في المدرسة في 1839، وعندما تولى الخديوي عباس الأول الحكم أغلق المدرسة وأمر بإرسال رفاعة إلى السودان.
إلى جانب عمله مدرساً بمدرسة الألسن، تجلى المشروع الثقافي الكبير له؛ ووضع الأساس لحركة النهضة التي صارت في يومنا هذا، بعد عشرات السنين إشكالاً نصوغه، ونختلف حوله يسمى الأصالة أم المعاصرة! كان رفاعة أصيلاً ومعاصراً من دون إشكالٍ ولا اختلاف، ففي الوقت الذي ترجم فيه متون الفلسفة والتاريخ الغربي، ونصوص العلم الأوروبي المتقدِّم؛ نراه يبدأ في جمع الآثار المصرية القديمة ويستصدر أمراً لصيانتها ومنعها من التهريب والضياع.
وبعد وفاة عباس عاد رفاعة إلى القاهرة في 1854، وتولى نظارة المدرسة الحربية ، ثم سعى إلى إنجاز أول مشروع لإحياء التراث العربي الإسلامي، ونجح في إقناع الحكومة بطبع عدة كتب من عيون التراث العربي، ثم أغلقت تلك المدرسة بدورها ، وبعد تولي الخديوي إسماعيل الحكم عاد الطهطاوي وتولى نظارة الترجمة عام 1863 لترجمة القوانين الفرنسية. ثم عهد إلى الطهطاوي إصدار مجلة روضة المدارس عام 1870. وظل يكتب فيها مباحث ومقالات حتى توفي .
من أهم الأعمال التي كتبها الطهطاوي:
تخليص الإبريز في تلخيص باريز ـ مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية ـ المرشد الأمين في تربية البنات والبنين ـ أنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل ـ نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز.
أما الكتب التي قام بترجمتها فهي تزيد عن خمسة وعشرين كتاباً، وذلك غير ما أشرف عليه من الترجمات وما راجعه وصححه وهذبه.
وقد توفى رفاعة الطهطاوي في 27 مايو 1873.